التحول الرقمي: تقييم واقعي من منظور السياق العراقي

صفوة سالم

المحرر التنفيذي 

مجلة بزنس لاندسكيب 

يمكن أن يكون مصطلح التحول الرقمي في السياق العراقي منحدراً زلقاً عندما يتعلق الأمر باستكشاف التأثير الملموس الذي يحدثه على حياة الناس. فقد يبدو العراق للوهلة الأولى متأخراً في تبنيه للتكنولوجيا إذا ما قارناه بدول المنطقة، إلا أنّه يأخذ خطوات تدريجية صغيرة وثابتة نحو احتضان التكنولوجيا والابتكار في مختلف جوانب الحياة اليومية وفي مجال الأعمال التجارية والحوكمة.

ولعل موسم الصيف الذي حل علينا هو الوقت المثالي لدراسة آثار التحول الرقمي على حياة العراقيين. فهذا الفصل هو الوقت الذي يخطط فيه الكثير من الناس لقضاء الإجازات في الخارج هرباً من الحرارة الملتهبة. ولا سفر من دون جواز سفر نافذ الصلاحية، ولذا غيرت منصة جواز السفر الإلكتروني في العراق العملية برمتها. فالآن يمكن للمواطنين التقديم عبر الإنترنت للحصول على موعد للحصول على جوازات سفرهم أو تجديدها، وجواز السفر العراقي الجديد يحتوي على شريحة إلكترونية تتيح تسجيل الوصول والخروج بسلاسة عبر البوابات الإلكترونية.

علاوة على ذلك، فإن تطبيق الحكومة لنظام الدفع الإلكتروني «تبادل» يوفر للمواطنين طريقة دفع رقمية آمنة ومريحة، ويغنيهم عن الدفع بالنقد لرسوم إصدار جواز السفر. يعمل التحول إلى المدفوعات الرقمية على تبسيط المعاملات وتعزيز الأمن المالي لجميع الأطراف المعنية. (اقرأ المزيد في الصفحة ٢٢، نهوض الحلول الرقمية: إعادة تشكيل عادات المستهلك العراقي وإعادة تعريف المستقبل، بقلم المهلب الزيدي).

أصبح التخطيط للسفر حول العالم الآن أمراً يسيراً من خلال تطبيقات مثل كاونتر، التي تتيح للأفراد الاستفسار عن متطلبات التأشيرة وحتى التقديم عبر الإنترنت لبلدان معينة. وصار حجز تذاكر الطيران وحجوزات الفنادق سلساً وسهلاً من خلال تطبيقات مثل سندباد وسافر، التي توفر الراحة للمسافرين. (اقرأ المزيد في الصفحة ٣٦، الوصفة الأمثل لإنشاء تطبيق للسوق العراقي، بقلم أحمد صبحي).

نظراً لأن التحول الرقمي يتخلل جوانب مختلفة من الحياة اليومية، فقد شهدت الاتصالات عبر الهاتف النقال أيضاً تطورات كبيرة. إذ يمكن للأفراد الآن التحول إلى الشرائح الذكية المدمجة (e-SIM) عبر زيارة مراكز مزودي خدمة الهاتف النقال، مما يسمح لهم بالتحول إلى الشرائح الذكية المدمجة الأجنبية عند الوصول إلى وجهاتهم، مما يضمن الاتصال السلس في خارج البلد. (اقرأ المزيد في الصفحة ١٤، مشهد الرقمنة في العراق ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: دروس مستفادة، بقلم عمر فالح).

أما بالنسبة لمن يرغب بشراء متاع سفره، تقدم منصات التجارة الإلكترونية مثل مسواك وطماطة خيارات كثيرة ومختلفة، مما يُيَسر تجارب التسوق ويجعل وصول المستهلكين إليها بكبسة زر. أو يمكنهم استخدام تطبيقات توصيل الركاب مثل كريم وبلّي للتبضع من المحلات إذا كانوا يفضلون التسوق بأنفسهم. (اقرأ المزيد في الصفحة ٣٨، التحول الرقمي في العراق: حلول وتطبيقات الهاتف والويب، من إعداد فريق أبحاث كابيتا).

على الرغم من أنّ العراق يواجه تحديات فريدة في رحلة التحول الرقمي، مثل البنية التحتية المحدودة والأطر التنظيمية، إلا أنّ التبني التدريجي للتكنولوجيا يُحدث تأثيراً ملحوظاً في البلد. فبدلاً من توقع حدوث تغيير هائل بين عشية وضحاها، يجب أن ندرك أنّ التحول الرقمي هو عملية تدريجية، وكل تقدم صغير يساهم في تقدم البلد. (اقرأ المزيد في الصفحة ٨، ما وراء الكلمات الرّنانة: أُسُس وتحديات التحول الرقمي في العراق وفرصه السانحة، بقلم ضفاف العصّام). 

يمكن رؤية تأثير التحول الرقمي أيضاً من خلال التغيير في القطاع الخاص العراقي نحو نهج مرتكزٍ على العملاء، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات الشركة لشركة (B2B)، وخاصة تلك التي تُمَكِنُ الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة بالبيانات. (اقرأ المزيد في الصفحة ٢٨، ظهور خدمات B2B الجديدة وتبني نهج مرتكزٍ على العملاء: مراكز الاتصال الخارجية مثالاً، بقلم محمد جمال وناصر عبد الله).

علاوة على ذلك، انتشرت الرقمنة إلى قطاعات وعمليات أخرى، مما أدى إلى زيادة الكفاءة والدقة. وعلى سبيل المثال، استُبدٍلَ نظام القبول الجامعي التقليدي الورقي بتطبيق نظام القبول في التعليم الخاص (PEAS). (اقرأ المزيد في الصفحة ٣٢، من الخَطِّيِّ إلى الرقميِّ: تحوُل نظام القبولات الجامعية، بقلم إبراهيم سالم).

ومن أجل دفع هذا التحول إلى الأمام، من الضروري تمكين جيل الشباب بالمهارات والمعرفة الرقمية لإنشاء قوة عاملة تبرع في التكنولوجيا كي تقود التقدم التكنولوجي في العراق وتساهم في نموه الاقتصادي. (اقرأ المزيد في الصفحة ٢٠، تعزيز التحول الرقمي في العراق: مشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للشباب، بقلم سما ربيع).

الاعتراف بوجود التقدم في عملية التحول الرقمي يتطلب ادراك العقبات التي تقف في طريقه. في حين أن استخدام البيانات هو أداة مهمة للتحول الرقمي، إلا أن التوافر المحدود للبيانات في العراق يشكل تحدياً للأفراد والمنظمات. ويقترن ذلك بوجود فجوة بين مهارات البيانات في سوق العمل واحتياجات الشركات. نكتسب في مطالعتنا لهذا العدد رؤى حول كيفية تسخير البيانات لدعم الابتكار واتخاذ القرار في مختلف الصناعات وكيفية زيادة مهارات القوى العاملة للتكيف بشكل أفضل مع التحول الرقمي من خلال عدسة محللي البيانات والموظفين والخبراء العراقيين. (اقرأ المزيد في الصفحة ٥٠، توظيف البيانات في العراق: تحليل للمشهد الحالي من وجهة نظر محللي البيانات والموظفين والخبراء العراقيين، من اعداد فريق أبحاث كابيتا).

وللتعمق في دراسة أهمية وتأثير التحول الرقمي، أخبرنا قادة ذوو رؤية مثل السيد ماريو ماكاري، مدير مجموعة فيزا في منطقة بلاد الشام، عن مشهد المدفوعات الرقمية في العراق، وإمكانات التكنولوجيا المالية، ومبادرات واستراتيجيات فيزا لضمان الشمول المالي والانتقال الآمن إلى مجتمع غير نقدي. (اقرأ المزيد في الصفحة ٦٦).

بينما ناقشنا مع الانسة مقلة ناجي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة كومبيوتِك و Hub 200، أهمية تزويد الشباب بالمهارات الرقمية والدور الجوهري لبناء المجتمع، والتحديات الحالية التي تواجه هذا التحول في العراق، وخطوات تسريعه. (اقرأ المزيد في الصفحة ٧٢).

وحدثنا السيد آزاد حسن، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لايدوبا، عن رحلته والتحديات التي واجهها أثناء انشاء ايدوبا -وهو تطبيق فائق لتكنولوجيا التعليم- وعن الدور الحاسم الذي يؤديه مجال تكنولوجيا التعليم في تحويل المشهد التعليمي، وانعكاسه على تبني هذا التحول. (اقرأ المزيد في الصفحة ٧٨).

في الوقت الذي يتبنى فيه العراق عصر التحول الرقمي، هناك إمكانات هائلة يمكن إطلاقها. رغم أنّ الرحلة تعتريها تحديات وعقبات كثيرة، إلّا أنّها تقدم فرصاً لا حصر لها للنمو والابتكار والازدهار التي يمكن أن تحسن وتغير واقع العراق.