من الخَطِّيِّ إلى الرقميِّ: تحوُّل نظام القبولات الجامعية
إبراهيم سالم
المدير التسويقي، ناس العراق القابضة
بدأت قِصةُ نِظام القبولِ المركزي للتعليم الجامعي الأهلي (PEAS) قبل إنشاء النظام ذاته، وقد شاركنا بصفتنا "ناس العراق" في تأسيس نظام القبول المركزي التابع لوزارة التعليم العالي في العام الدراسيّ 2010-2011، بالتزامن مع إنشاءِ نظامِ القبول الرقمي للجامعات الحكومية والمعاهد التقنية. كان الهدف من المنصة هو تحويل طلب التقديم الورقي وإجراءات القبول التقليديَّة، التي تشمل ملء قائمة التحقق خطياً، إلى نموذجٍ إلكترونيّ يتمُ تعبئته عن طريقِ الإنترنت، ثم معالجته، مع مراعاة عدد الطلاب المتقدمين ومعدلاتهم لغرض توزيعهم على جامعاتهم.
كانت أبرز التحديات التي واجهتنا في جعل نظام القبول مركزياً هو خلقُ بيئةِ استضافةٍ مثاليَّة يمكن أن تستوعبَ عدداً كبيراً من الطلاب، وتتحمل الضغط الناجم عن هذا العدد. لم تتمكن تقنية الاستضافة المستخدمة سابقاً -والمعروفة باسم الخوادم المعدنية- في الكَرَةِ الأولى، من التعامل مع حجم التطبيقات. لذا تعطل النظام عدة مرات، ولم يتمتع المتقدمون بتجربة مستخدم سلسة.
نتيجةً لذلك شرعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العام التالي مباشرةً في استقطاب مقاول من القطاع الخاص لديه حلول مبتكرة لهذه المشكلة. وكانت "ناس العراق" هي أول من اقترح استخدام تقنيات التحوُّل الرقمي لحل المشكلة القائمة. ولذلك تم اختيار الحوسبة السحابية للعام الدراسي 2011-2012. رغم أنّ الحوسبة السحابية قد صارت أمراً واقعاً في عام 2023، إلا أنَها لم تكن معروفة قبل 13 عاماً. فعلنا هذه الخوادم وتمت استضافة النظام وتشغيله بنجاح لمواسم عام 2012 حتى تاريخه. لقد تمكنا من مواجهة تحدي الاستضافة بنجاح من خلال توفير بيئة استضافة مثالية يمكنها مواكبة تدفق الطلاب أثناء عملية التقديم والقبول، وبالتالي تجنب العودة إلى النظام الورقي المستخدم قبل 2011-2012.
أصبحت أولى أولوياتنا، بعد التغلب على ذلك التحدي، هو تطوير وتوسيع عمليَّة القبول بإضافة قنوات جديدة. فبعد أن كان النظام يقتصر على القناة المركزيَّة العامة لطلاب السادس الإعدادي وطلاب الجامعات والمعاهد الحكوميَّة، أُضفنا وفتحنا قنواتُ قبولٍ أخرى لمعالجة القبولات ذات الأغراض الخاصة حتى بلغ عددها إلى ما يزيدُ عن 30 قناة وسعت من نطاق النظام، وهو الإجمالي الحالي للمنصة.
كان نجاحنا في القطاع العام حافزاً لنا على توسيعِ نطاقنا كي نصبح جزءاً من عمليَّة القبول المركزيَّة للجامعات والكليات الأهلية.
نظام القبول المركزي للتعليم الجامعي الأهلي - تراكم تقنيات التحوُّل الرقمي
تم ترديد مصطلح "دائرة التعليم الجامعي الأهلي" في المجتمع الأكاديمي العراقي اول مرة عام 2010. لقد كشف تخصيص دائرةٍ كاملة لشؤون التعليم الأهلي عن إصرارٍ وعزيمة وزارة التعليم العالي في دعم التعليم الأهلي ليكون قوةً فاعلةً ومهمةً في المشهد التعليمي.
كما هو الحال مع أي نظام جديد، واجهتنا عدة تحديات. كانت عملية القبول ورقية ولا مركزية في بادىء الأمر. وتوجب على الطالب أن يذهب شخصياً إلى كل جامعة/كلية حيث يريد التقديم وأن يملئ استمارةً ورقية. وهذا يعني أنه على الطالب التحقق من حالة القبول لكل استمارةٍ قدمها على حدة. باختصار، لم يكن من الممكن توسيع نطاق النظام ليشمل الجامعات الأهلية والطلاب على حدٍ سواء.
الأتمتة هي الحلّ
في عام 2017، أصبح من الواضح أن نظام القبول للجامعات والكليات الأهلية يحتاج إلى الانتقال من الورقي إلى الرقمي. وبالتالي، انطلقت عملية إصلاح شامل للاستفادة من تقنية أخرى للتحول الرقمي وهي "تقنية المنصة". أسفر حوار مستفيضٌ بين "دائرة التعليم الجامعي الأهلي" و"ناس العراق" عن خلق نظام القبول المركزي للتعليم الجامعي الأهلي (PEAS)، سنشير له بـ'نظام القبول الأهلي'، وهو نظام القبول المستخدم حالياً في العراق. وقد مكّن النظام الجديد الكليات/الجامعات الأهلية (مقدمي الخدمات) والطلاب (المستهلكين) من التفاعل مع بعضهم البعض بموجب مجموعة موحدة من القواعد التي وضعتها دائرة التعليم الجامعي الأهلي، والتي كانت بمثابة "حارس البوابة".
في عام 2019، أضفنا ميزة أخرى إلى نظام القبول الأهلي بإطلاق خدمة دعم العملاء (دعم الطلاب) عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتسهيل الإجابة على أسئلتهم. بالإضافة إلى ذلك، قدمنا أيضاً ميزة التحقق من الهوية عبر منصة زوم "Zoom"، مما أتاح للطلاب التحقق من هويتهم عبر مكالمة فيديو من خلال توفير الوثائق المناسبة دون الحاجة إلى حضورهم الفعلي.
وفي عام 2021، أضفنا تقنية مهمة أخرى إلى النظام وهي الذكاء الاصطناعي. وقد استُخدِم للكشف عن حالات الاحتيال المشبوهة أثناء عملية التقديم، وهي تقنية تشتد الحاجة إليها نظراً لوجود أكثر من 600,000 طلب مقدم إلى النظام من حوالي 100,000 طالب كل عام.
في عام 2023، نسعى إلى الارتقاء بالنظام إلى مستوى أعلى بمساعدة نموذج الذكاء الاصطناعي الثوري (Chat-GPT)؛ إذ نؤسس القاعدة المعرفية وندمجها مع Chat-GPT لتقديم إجابات شبيهة بالردود البشرية على أسئلة مقدم الطلب، وذلك لتوسيع نطاق دعم العملاء بدلاً من أن يكون محدوداً بعدد المشغلين البشريين إلى دعم العملاء القائم على الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يتوسع توسعاً هائلاً. لسنا متأكدين من قدرتنا على تحقيق دمج هذا العقل الاصطناعي مع برنامجنا بحلول موسم 2023-2024، لكننا متأكدون أنّ دعمنا في موسم 2024-2025 سيكون قائماً عليه.
الخُلاصة