تعزيز التحول الرقمي في العراق: مشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للشباب
سما ربيع
مستشارة ريادة الأعمال الناشئة
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للشباب (ICT)
لا يخفى على أحد أن للقطاع الرقمي القدرة على تحقيق فائدة عظيمة للأفراد والشركات والاقتصادات بأكملها، فالرقمنة تسهل الوصول إلى المعلومات والخدمات على المستويين الفردي والتجاري، وتعزز النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها. في عالم اليوم المترابط على نحو متزايد، يوجه القطاع الرقمي عملية الابتكار والتنافس في جميع أنحاء العالم، ويؤدّي دوراً مهماً في تشكيل الطريقة التي تعمل بها المجتمعات. وفي خضم هذا التقدم التكنولوجي، لا ينبغي ترك العراق متخلفاً عن الركب.
منذ عام 2017، تنفذ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) مشروع "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) - آفاقٌ لشباب عراقيٍ معاصر" نيابة عن الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ). يهدف مشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى إطلاق إمكانات قطاع التكنولوجيا كمحرك لخلق فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها في البلد عن طريق تزويد الشباب العراقيين بالبنية التحتية والمهارات لإطلاق أعمال مبتكرة أو للعثور على عمل في مجال التكنولوجيا. على سبيل المثال، دعم المشروع تأسيس سبعة مراكز ابتكار في بغداد والبصرة والموصل وأربيل والسليمانية. أُنشِأت هذه المراكز في مناطق حضرية مختارة لتوفير التدريب والعمل المشترك ومساحات التصنيع، وهي مجهزة بمكائن حديثة مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد، وآلات القطع بالليزر والبلازما، ومكائن التحكم العددي بالكمبيوتر (CNC)، والتحكم المنطقي المُبَرمَج (PLC). بالإضافة إلى ذلك، فإنها توفر بيئات مثالية للشباب لتحسين مهاراتهم العملية، والوصول إلى شبكة واسعة من الأقران، وتلقي الدعم من الموجهين ذوي الخبرة لتطوير أفكارهم التجارية. تركز الدورات التدريبية المقدمة على المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وريادة الأعمال والمهارات الشخصية، وبالتالي خلق فرص عمل لرواد الأعمال والباحثين عن عمل على حد سواء.
شارك حتى الآن أكثر من 8500 شخص بنجاح في واحدة من 400 دورة تدريبية، وبالتالي عززوا مهاراتهم التقنية. وأدى إنشاء 378 شركة ناشئة في القطاع الرقمي إلى خلق فرص عمل لا حصر لها.
يقول مستشار المشروع، ستيفن شنيتجر: "يُظهِرُ القطاع الرقمي العراقي نمواً ديناميكياً، مما يساهم ليس فقط في خلق فرص العمل ولكن أيضاً في تنويع القطاع الخاص الذي تشتد الحاجة إليه. ومع ذلك، فإن الاستفادة من هذه الإمكانات تتطلب أيضاً التزام صانعي القرار السياسي لضمان عدم تخلف العراق عن الركب. لذلك، نتطلع إلى مواصلة عملنا مع الشركاء العراقيين لتسريع التحول الرقمي في البلاد".
على الرغم من التطور المطرد والعدد المتزايد من الشركات الناشئة ورواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، يواجه القطاع الرقمي العراقي العديد من العقبات، أبرزها عدم وجود هياكل دعم حكومية ومحدودية الوصول إلى القروض أو رأس المال من المستثمرين. وفقاً لـ "تقرير ممارسة أنشطة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي، جاء العراق في عام 2021 في المرتبة 160 من أصل 190 دولة، مما يشير إلى أنه مكان مليء بالمُعَوِّقات والمُعَرقِلات لممارسة الأعمال التجارية، ويصعُب فيه الحصول على ممولين عراقيين أو أجانب للاستثمارات، وهذا يُعسِر نمو الشركات الناشئة وتطور بيئة الأعمال. بدافع حل هذه التحديات، دعم مشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات شركة كابيتا (KAPITA) في إطلاق أول شبكة للمستثمرين المخاطرين في البلد، وهي شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية (IAIN). وتتمثل مهمتها في بناء الأساس للمستثمرين المخاطرين العراقيين، وتزويد الشركات الناشئة العراقية بالمعرفة والتمويل الأوّلي، وبالعلاقات المحلية والدولية المناسبة.
يقول نيال أرديل، مستشار ريادة الأعمال الناشئة في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي - العراق "خلال السنوات الخمس من التنفيذ حتى الآن، شهد مشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تطورات إيجابية عديدة في بيئة الأعمال الريادية والتكنولوجيا، ونمواً هائلاً في عدد الشركات الناشئة، فضلاً عن زيادة كبيرة في الرغبة في استكشاف الوظائف في قطاع التكنولوجيا. وليست هذه إلا الخطوات الأولى في عملية دعم التحول الرقمي والتكَيُف في العراق. إن الحماس لمثل هذا النَهج والمهارات والتطورات عالية الجودة بين الشباب العراقي يقود هذه العملية؛" مؤكداً أن "الدعم سيستمر لمشروع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هذا القطاع".
يتزايد اهتمام الشباب العراقيين بالقطاع الرقمي بِعَّدِهِ مجالاً محتملاً للتوظيف؛ فهم يدركون أن معظم الشركات تحتاج إلى قدرات رقمية لتعزيز نموها. لذلك فهم متحمسون لاكتساب المهارات التي تتطلبها السوق الحديثة. عموماً، يتمتع القطاع الرقمي العراقي بإمكانية تحقيق نمو كبير في السنوات القادمة، مما سيساعد في تحول البلد.